القائمة الرئيسية

الصفحات

«فتنة الأقصر».. «الدستور» تحقق فى روايات «أحداث العديسات»

تصاعدت حدة الأحداث الطائفية التى شهدها «نجع المهيدات»، بقرية «العديسات قبلى» التابعة لمركز ومدينة «الطود» بمحافظة الأقصر، بعد تداول شائعة عن اعتناق فتاة قبطية الإسلام، وإخفائها من قبل عائلتها، ما دفع العشرات من متشددى القرية للتجمهر أمام منازل الأقباط والمطالبة بإظهار الفتاة، وسط مزاعم تحدثت عن «تهجير» بعض الأسر، وهو ما دفع «الدستور» للتحقيق فى الواقعة.

آخر تطورات الواقعة حدث بعد ظهر اليوم الجمعة، وتمثل فى اندلاع اشتباكات حادة بين الأجهزة الأمنية وبعض المتشددين، إثر تظاهرهم فى وجود اللواء عصام الحملى، مدير أمن الأقصر، للمطالبة بالكشف عن مكان الفتاة القبطية.

وخرج المتشددون فى مسيرة عقب أداء صلاة الجمعة، وهاجم بعض الشباب المشارك أفراد الأمن، فتم التعامل من جانب الأجهزة الأمنية بإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع.

وقال شاهد عيان على الواقعة: «هناك عدد من المصابين بالاختناق من جانب المتجمهرين بسبب قنابل الغاز، لم نتمكن من نقلهم للمستشفيات، بعدما امتنعت سيارات الإسعاف عن الدخول للنجع بسبب أحداث العنف».

الرواية الأولى: الأسرة أخفتها بعد اعتناق الإسلام

التقت «الدستور» بشهود عيان من أهالى القرية، والبداية عند إبراهيم عمر، أحد جيران الفتاة المختفية، الذى قال إن الفتاة تدعى «أميرة جرجس خليل»، تبلغ 18 عامًا، وتعيش فى منطقة «البساتين» برفقة أسرتها المكونة من والدها ووالدتها و4 شقيقات، لافتًا إلى أنها الابنة الثالثة بين شقيقاتها، وتشتهر بحسن أخلاقها وتفوقها الدراسى.

وأشار إلى أن الواقعة بدأت بشائعة عن وجود «علاقة حب» بين الفتاة وبين شاب مسلم فى القرية، ما دفعها إلى اعتناق الدين الإسلامى.

وأضاف عبدالشافى على، أحد أهالى القرية: «سمعنا أن الفتاة اعتنقت الإسلام سرًا، خوفًا من إيذاء أفراد أسرتها لها، لافتًا إلى أن نبأ إسلام الفتاة انتشر بين صديقاتها المقربات فى المدرسة، والذين أكدوا أنها حفظت 10 أجزاء من القرآن الكريم.

وأضاف: «أول من لاحظ اعتناقها الإسلام هو أحد المدرسين فى مدرستها، الذى حظى بثقتها، فراحت تستعلم منه عن الدين الإسلامى، وأخبرته باعتناقها الإسلام، فنصحها بعدم إعلان ذلك إلا بعد إنهاء دراستها الثانوية وبلوغها السن القانونية، حتى لا تتعرض للإيذاء من جانب أسرتها». وأشار إلى أن أسرة الفتاة كشفت أمرها حين فوجئت والدتها بأدائها صلاة الفجر فانهالت عليها بالضرب، وأخبرت والدها وابن عمها المدعو «هانى» فضربها بحسب رواية جيرانها الذين أكدوا أنها أصيبت بكسور فى القدمين منعتها من السير، فضلًا عن خدوش وكدمات فى الوجه.

وتابع: «الحالة الصحية للفتاة منعتها من الذهاب للمدرسة، وهذا ما أثار قلق المدرس والذى استفسر عن سبب غيابها، خاصة أنها متفوقة دراسيًا، فأطلعته بعض صديقاتها عما أصاب الفتاة، وهو ما دفعه للتوجه إلى منزلها والاستعلام عنها، فأخبره أفراد أسرتها بأنها سافرت إلى القاهرة لتلقى العلاج، وطلبوا منه عدم السؤال عن ابنتهم مجددًا، وأنها لن تذهب للمدرسة مرة أخرى».

واستكمل: «شعور المدرس بالذنب تجاه الفتاة دفعه لكشف أمرها أمام ممثلى كبار العائلات فى النجع، ثم توجه عدد من شباب القرية إلى منزل الفتاة، وتحدثوا إلى والدتها خلال وجود أحد القساوسة، وطالبوها بالكشف عن مكان الفتاة، إلا أنها رفضت، وأغلقت باب المنزل، وأبلغت الأمن، وهو ما تسبب فى انتشار حالة من الغضب بين الأهالى».

وأشار إلى أن ذلك الموقف أسفر عنه تجمهر عدد من المتشددين أمام المنطقة السكنية التى يعيش بها الأقباط والتى تعرف بـ«البساتين»، لافتًا إلى أن بعضهم أغلق مسجد «الشيخ البستانى» المجاور لمنازل الأقباط، ومنع تأدية الصلاة به، خوفًا من حدوث أى تجاوزات من قبل متشددين. ونوه إلى أن الأهالى تحدثوا إلى والد الفتاة، وطالبوه بالكشف عن مكان ابنته، فأخبرهم أنه لن يقبل بأن تتعرض ابنته لأى أذى، حتى لو غيرت ديانتها.

الرواية الثانية: عائلتها هربت من تحرش شاب مسلم

فى المقابل، قال رأفت سمير، الناشط القبطى الحقوقى، إن عددا من المتشددين فى نجع «المهيدات» تجمهروا أمام منازل الأقباط، صباح أمس الجمعة، للمطالبة بأخذ الفتاة «أميرة»، وإبداء رأيها فى الزواج من الشاب المسلم «إبراهيم محمد».

وأشار إلى أن الأزمة بدأت بـ «تحرش» الشاب «إبراهيم» بالفتاة القاصر «أميرة»، ووصل الأمر للكنيسة وأسرتها، فقرروا الابتعاد عن القرية للحد من معاكسات ومضايقات ذلك الشاب.

وأضاف: «بعد رحيل الفتاة عن القرية بـ 5 أيام فوجئنا بأن أهل الشاب يدعون أنها تجمعها قصة حب مع ذلك الشاب، ويريدون إتمام زواجهما، رغم أنها مازالت قاصراً، ثم تجمهر عدد من المسلمين أمام منازل الأقباط».

وقال القمص صرابامون الشايب، أمين دير «القديسين» فى الطود: «تجمهر عدد من المتشددين أمام منازل الأقباط لطلب رؤية فتاة قبطية قاصر أشاع شاب أنها تريده أمر خطير يجب أن تنهيه الجهات الأمنية بشكل سريع، حتى لا يتطور الأمر لفتنة طائفية تسيء لمحافظة الأقصر ككل».

ووجه «صرابامون» رسالة لمحافظ الأقصر: «لو تفجرت أزمة طائفية دموية فى قرية المهيدات بمحافظتك، كيف سيكون مردودها على السياحة فى محافظة الأقصر؟.. استيقظ وواجه الأزمة بشجاعة، فالسياحة لا تحتمل نكسة أخرى».

ورأى عدد من أقباط القرية، أن من يقف وراء الأزمة كلًا من «إبراهيم. م. ا»، 19 عامًا، الذى ادعى وجود «علاقة حب» بينه وبين الفتاة، و«عمار. ح. ا»، مزارع، و«أحمد. ج. ح»، مزارع، و«حسين. س. د»، تاجر، و«رأفت. م . ا»، مدرس لغة إنجليزية، متهمين إياهم بنشر شائعة إسلام الفتاة، والتوجه إلى أسرتها ومطالبتها بالكشف عن مكانها.

وأشاروا إلى أن الشاب ادعى زواجه عرفيًا منها، وساعدها فى عملية إشهار إسلامها على يد أحد مشايخ القرية، لافتين إلى أن قوات الأمن نزلت القرية وطوقت مداخلها ومخارجها عقب ذلك التجمهر أمام منازل الأقباط، وتم منع الوافدين من الدخول لحين انتهاء الأزمة، بينما عقد بعض مشايخ القرية مجلسا عرفيا مع ممثلين عن أسرة الفتاة وقرروا إحضارها لمعرفة حقيقة الواقعة أمام الجميع.

مدير الأمن: الوضع مستتب ولا تهجير

أكد اللواء عصام الحملى، مدير أمن الأقصر، أن الوضع فى القرية مستقر للغاية، واستبعد وقوع أى أعمال عنف أو شغب من قبل الأهالى، لافتًا إلى أن النيابة العامة تحقق حاليًا فى اختفاء الفتاة، وبيان حقيقة دخولها الإسلام من عدمه. وأشار إلى تعيين المديرية حراسة لحماية الأقباط وممتلكاتهم، خوفًا عليهم من التعرض لأى أعمال عنف من جانب بعض الشباب المندفع، مؤكدًا أنه لم يتم تهجير الأقباط من القرية، وأنهم مستقرون داخل منازلهم ينعمون بالأمن والسلام.

وزار الدكتور محمد بدر، محافظ الأقصر، برفقة اللواء عصام الحملى، مدير الأمن، القرية، وتحدثا إلى الأهالى، وطالباهم بإنهاء التجمهر، إلا أن الأهالى تمسكوا بموقفهم، وطالبوا مدير الأمن بالكشف عن مكان الفتاة، فما كان منه إلا التأكيد على عدم تمكنه التحرك إزاء الواقعة إلا بعد صدور قرار من جانب النيابة العامة.

ودفع ما كشفه مدير الأمن، عددًا من الأهالى، وعلى رأسهم النائب البرلمانى السابق الحسين بكرى، يرافقه 9 أشخاص، للتوجه إلى النيابة العامة، لتحرير محضر رسمى عن اختفاء الفتاة قسرًا من جانب أسرتها، وتعرضها للتعذيب، وإيداعها بأحد الأديرة.

ورغم ما أكده مدير الأمن من عدم «تهجير» أى أسر، قال شاهد عيان، طلب عدم ذكر اسمه: «الموقف العام فى القرية هادئ نسبيًا بعدما عينت مديرية الأمن حراسة على المنطقة السكنية الخاصة بالأقباط، فيما خرج بعضهم من القرية بناءً على طلب الأمن».
   
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات